Search Engine Submission - AddMe

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

محمد إبراهيم يكتب:الفاشية تقتل وطن

mohamed_ibrahim-266x4001

أخفت بعض الهالات السوداء تحت عيونها بكثير من مساحيق التجميل, لم تنم جيدا لمتابعتها المعتادة لبرامج التوك شو، كانت مُعبأة بأفكار المؤامرة الكونية على مصر، ومتأثرة بمحاولات اغتيال حلم الوطن،ومتأكدة أن الأجانب في غالبهم عملاء جنَّـدوا شباب التحرير حتى أصبحت الخيانة تجري منهم مجرى الدم.
كانت تجلس لتشرح للناس ما خفي عنهم من المؤامرة بطريقة العارف بالشيء،ثم تلعن الثورة والثوار،وتهتف لمصر من قلبها..
كانت وطنية، تُحب مصر بصدق،لكنها بالرغم من ذلك لاتجد غضاضة في قتل نصف المصريين ليعيش النصف الآخر بلا وجعٍ للقلب.
تلك السيدة أو مثلها عندما رأت رئيس تحرير جريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية آلان جريش يجلس في مقهى بملامحه الأجنبية, شعرت بالريبة، واستدعت كل نظريات المؤامرة التي مُلئ رأسها بها على مر شهور،وارتابت أكثر لجلوس فتاتين مصريتين معه، وانفجرت الريبة في وجه الجميع عندما وجدتهم يتحدثون بالسياسة !
عندما تم توقيف الصحافي الأجنبي ومن معه، كانت تلك السيدة عائدة لبيتها سعيدة ومنتشية،تشعر أنها قدمت خدمة جليلة للوطن.
**
يقول آلان جريش تعليقا على توقيفه عن طريق الشرطة المصرية، أن تلك الأجواء تُذكره بفترة حكم صدام حسين في العراق وحافظ الأسد في سوريا.
لعل الجو العام كما قال، فأي مجتمع هذا الذي يتطوع فيه أحدهم للتبليغ عن أشخاص يجلسون في مكان عام يتجاذبون أطراف الحديث، وأي نظام يقبل أن يجعل ذلك سببا للقبض عليهم أو توقيفهم.
لكن جريش لايعرف مثلا أن شاب مصري استقل تاكسي في مكان قريب من مرور مظاهرات، فشك سائق التاكسي في الشاب لأن شعره طويل،فسلمه لأقرب كمين شرطة،وتم سجنه بناءً على ذلك لمدة شهور.
ولم يرى جريش تلك القفزة العملاقة التي قفزها آخر ليقبض على فتاة نحيلة الجسد كانت تنوي المشاركة في وقفة بمناسبة ذكرى الثورة, ليسلمها للشرطة التي اعتقلتها قبل أن تخرج بكفالة،وتعتزل العمل العام تماما وقد تكون تركت البلد أيضا !
بعض هؤلاء يفعلون ذلك لمصالح شخصية وفسادٍ حاولت الثورة التغلب عليه فعادوها, لكن الكثير منهم يُحبون الوطن ومُقتنعون بأنهم انتصروا عندما قضت تلك الفتاة الصغيرة ليلتها في السجن.
**
يقول ممدوح عدوان في كتابه حيونة الإنسان : ” إن من أبرز أساليب الإعداد للحرب الأهلية إقناع كل طرف أن الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى خطر على الوطن أو الدين أو المُجتمع “.
ولو تابعنا خطاب النظام وإعلامييه سنجد أن كل مايفعله هو ذلك التخوين الرديء والمستمر لكل معارض للنظام الحاكم أو مُختلف معهم.
تجاوز ذلك كل معقول, تجاوز حتى ماوصفه جريش بحكم صدام وحافظ الأسد،فلم أعرف أن في زمن أيٍ منهما بلغت أم الشرطة أن ابنها ينتمي لحركة شبابية ثورية وضد السيسي ليتم القبض عليه لاحقا، ولا أعتقد أن في زمن أي منهما اتهم أب ابنه أنه يحصل على تمويل أجنبي بالرغم من معركتهما الصباحية كل يوم ليحصل على خمسة جنيهات زيادة على مصروفه.
**
قرأت في تقرير صحفي لم يتسنَّ لي التأكد من صحته لغياب الشفافية وحق تداول المعلومات, أن الأمن طلب من إدارة الفنادق أن تُبلغهم عن أي مواطن تركي أو قطري ينزل ضيفا على فندقهم،لا أعتقد أن مثل ذلك يحدث في الدولتين المذكورتين، فآلاف المصريين يعملون في قطر, ومئات منهم يذهبون بطريقة دورية لتركيا بهدف السياحة, لكن الوضع عندنا تجاوز جنون تحريز رواية 1984 مع طالب جامعي واتهامه لاحقا بتصوير الأمن – بالرغم من أن ذلك ليس تهمة – ثم الإفراج عنه بعدما تأكدوا أنه كان فقط يلتقط صورة لنفسه !
تجاوز الجنون الداخلي الذي جعل كل من تشكك فيه النظام أو عارضه عدوا للوطن، إلى جنون خارجي لندفع صراع الأنظمة الحاكمة بعضها البعض لصراع بين الشعوب، ولا يخفى على أحد هجوم النظام والإعلام على تلك الشعوب وأوطانها بدلا من مهاجمة النظام الحاكم فقط،يتذكرون جيدا كيف أشعلوا العداوة بين شعبي مصر والجزائر بسبب مباراة كرة، ويكررون ذلك بحفاوة.
لكن نهاية تلك الفاشية المستعرة والجنون المُسيطر لن تكون سعيدة لهؤلاء سيئي أوحسني النية الذين ينتهجونهما، ولن تكون سعيدة لأحد غيرهم ممن يعيشون على تراب هذا الوطن،والبدايات التعيسة أصبحت واضحة للعيان،فكل شيء في هذا الوطن أصبح مُهترئا وقابل للتفتيت أية لحظة..
لكن الخبر الحسن أنه يبدو أننا قد وصلنا أخيرا القاع،ولعلنا نعرف طريقا للصعود قبل أن نستقر فيه وقبل أن تقتل الفاشية ذلك الوطن.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

 

تعريب وتطوير: www.tempblogge.blogspot.com
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Facebook Themes custom blogger templates