Search Engine Submission - AddMe

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

عمرو خليفة يكتب موقعة دمياط دماء وأكاذيب

7
 
احمر البحر الأبيض المتوسط يوم الأربعاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٤.
ما نعرفه أقل بكثير عن ما لا نعرفه. قال المتحدث العسكرى بأن هناك ثمانية أفراد من القوات البحرية المصرية مفقودين وخمسة مصابين، في معركه دارت مع “ارهابيون” علي ساحل المتوسط بجوار دمياط . مع مرور كل يوم المحللين و المواطنيين يتخبطون بين حقائق، البعض منها يناطح الخيال والبعض منها يعانق المنطق. لتجميع تفاصيل الحادث لابد أن يصبح القلم أداة جراحية لكي يُزيل الغموض عن بعض الحقائق لتصبح واضحة و مفهومة.
بدأ الأسبوع بإعلان أنصار بيت المقدس البيعة للولاية الإسلامية، المعرفون بداعش، وبعد هذا بقليل تم تغيير أسم الأنصار إلي ولاية سيناء.
مع شروق شمس يوم ١٢ نوفمبر بدأت تتوالي الأخبار عن موقعة بين ٤”قطع بحرية” ومركبه بحرية عند شواطيء دمياط. كالعادة، في البداية، جاءت أخبار متضاربة تتحدث عن عدد وفير من الضحايا بين صفوف المسلحين بينما لم يكن هناك تفاصيل عن أي جرحي أو قتلي في صفوف البحرية وإختفت من التفاصيل أي معلومات عن القبض علي أي شخص. مع سطوع شمس اليوم التالي، صرح المتحدث الرسمي للجيش بوجود 5 اصابات في صفوف البحرية وإختفاء ٨ أفراد من القوات وتدمير ٤ قطع بحرية مع القبض علي ٣٢ عنصر “إرهابي” وقتل ٤. ولكن من هم الإرهابيين؟ ما هي دوافعهم؟ من هي الجهة اللتي تجرؤ أن تهاجم زورق للبحرية؟ المختفيين هل هم بين عداد الأموات؟ هل غرقوا؟
لم يرد بيان الجيش علي كل هذه التساؤلات بل عكس الأمور و أضاف أسئلة أخرى جديدة.
التفاصيل كانت بمثابة نقطة في بحر من الظلام المعلوماتي. وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الحكومية، قالت إن المواجهة تمت علي بعد ٧٠ كيلو من الشاطيء. رفع هذا بالطبع من إحتمالات أن تكون المعركة لها علاقة ما بالتهريب المنتشر في هذة المنطقة من البحر الأبيض ولكن وجود اسلحة ثقيلة مع المسلحين سرعان ما نفي هذه الفكرة.
ظلت سرعة الأحداث تتوالي في الثمانية وأربعين ساعة التالية واتجهت الأنظار لثوابت الإرهاب في الشأن المصري: ولاية سيناء و داعش.
أحد السيناريوهات المطروحة ثحدثت عن نداء للنجدة من قبل القطع البحرية، واشارت التقارير إلي وجود قطعة بحرية رابعة تراقب عن بعد. عند وصول اللنش فوجيء الطاقم بوابل من الرصاص من كل الإتجاهات.
طال القتال و أصيب الطرفين بالخسائر: ٥ مصابين و ٨ مفقودين من البحرية و ٤ قتلي و ٣٢ تم القبض عليهم من المسلحين. أشارت التقارير إن البعض منهم أجانب. قبل أن يتم تحطيم القارب البحري، نجح الطاقم في الاتصال بالميناء الذي بدوره أصدر أوامر بإنطلاق الطائرات ف ١٦ لمطاردة “الارهابيين”.
دق ناقوس الخطر! الجريدة الالكترونية Egypt Independent، النسخة الإنجليزية للمصري اليوم، “مصادر حربية : الإرهابيون خدعوا البحرية “. ولكن بمصر “الحقيقة” عملة ذات وجوه عديدة.
قال أقارب وأصدقاء بعض من المقبوض عليهم في حوار مع الجريدة الإلكترونية مصر العربية إن ذويهم ” صيادين علي باب الله “. اضافت سيدة من السيدات إن تم القبض علي زوجها و خالها وجدها. ” احنا بس عاوزين نعرف رجالتنا فين؟”. وفي مناقضة تامة لرواية الجيش، علقت سيدة أخري قائلة ” رجالتنا طلعوا البحر من ٩ أيام، هيقرروا يعملوا عمل إرهابي النهاردة؟؟”
ولكن من هم هؤلاء الإرهابيين؟ هنا تأخذ الحكاية مسار الخيال العلمي. بثت رسالة مسجلة لرجال ملثمين يعلنون مسؤليتهم عن الهجوم :” في حين تسمعون هذه الرسالة، لقد تم خطف مجموعة من البحرية.”
التسجيل لا يترك أدني شك لأهداف المجموعة التي سمت نفسها “شباب أرض الكنانة”: تبادل أسري.
في الوقت نفسه، كانت اعترافات القوات المسلحة بإختفاء ٨ من افرادها مما رفع إحتمالات أسر الجنود. ربما من الأخطر إستراتيجياً أن يكون الجنود قد تم إختطافهم بالفعل أو إستشهدوا. علي صعيد أخر، يعد الهجوم بمثابة خطوة نوعيه في إرتفاع وتيرة تمرد مسلح خارج حدود سيناء و في نفس الوقت نمط الهجوم البحري يمثل صدمة لمن صور إن النظام و الإستعداد القتالي لدي هذي المجموعات محدود.
وأخذت التراجيدية الشكسبيرية تحول أخر في اليوم التالي، حيث زاد الغموض بعد افصاح الجريدة اللبنانية المدن عن تفاصيل سيناريو أخر عن إنشقاق ظابط من البحرية ،يدعى أحمد عامر، عن صفوفها و الإنضمام إلي داعش. نجح أحمد، طبقاً للتقرير، في تهريب ٥ من أعوانه لمتن القارب البحري ٦ أكتوبر وعندما أصبحوا بعرض البحر هاجموا طاقم اللنش بالكامل.
جائت الصدمة حينما حاولت قاعدة العمليات الإتصال بالزورق البحري وجاء الرد “هذا ليس ٦ أكتوبر. هذا مركب الولاية الاسلامية”. أكدت الجريدة صحة المعلومات من خلال مصادر بحرية وأخري جهادية عبر مواقع الانترنت السرية التى لا يستطيع الدخول عليها أحد دون أن يزكي له جهادي معروف لدي الإرهابيين. عند سماع هذا الرد، اطلقت البحرية طائرات ف ١٦ ، بعد فشل زورق بحري أخر في التعامل مع ٦ أكتوبر نتيجةً لوجود عطل لوجيستي بمدافعه، حسب رواية الجريدة. وفي نفس الوقت ، أكدت المدن براءة الصيادين مثل مصر العربية من قبلها.
و حدثت المفاجأة اليوم ١٦ نوفمبر، عندما افرجت المخابرات المصرية عن ١٥ من الصيادين مع الوعد بالإفراج عن ١٧ اخرون غداً طبقاً لجريدة الوطن. وهنا يجب التساؤل أين ذهبت العناصر الأجنبية التي أكدت الرواية الأمنية وجودها؟ لماذا يتم التعامل مع المواطن المصري البسيط بدون إكتراث؟ من سيعوض هؤلاء الصيادين الأبرياء عن مراكبهم التي تمثل مصدرهم الوحيد لجلب قوتهم؟
البحث في كل خبايا الموقعة يزيد الشبهات وعلامات الإستفهام التى تحلق عالياً فوق كل سيناريو مطروح.
لا توجد رواية واحدة سليمة و بلا ثغرات من الألف إلي الياء و لهذا يقف القاريء و المحلل سويا حائرون باحثون عن الحقيقة. ما هو أكيد هو إنه بعد ٤٨ ساعة فقط من بيعه ولاية سيناء لداعش قامت مجموعة ارهابية بهجوم عالي التقنية علي البحريه المصرية. الهجوم يعد ضربة في مقتل لحكومة السيسي التى صعدت للحكم علي أجنحة وعود جلب الأمن والإستقرار. وللمرة الثانية في غضون ٤٨ ساعة تخالف الحقائق علي أرض الواقع الرواية الأمنية.
المرة الأولي كانت بعد نشر الفيديو الدامي المؤلم لولاية سيناء الذي ناقد فكرة تكبيل ولاية سيناء خسائر مهولة فقد أظهر الفيديو عدو منظم، مدرب وشرس بأعداد أضخم من الرواية الرسمية.
يأتي بعد هذا مباشرةً الإفراج عن الصيادين الأبرياء الذي بدوره ينفي سيناريو عناصر أجنبية نفذت مؤامرة ضد الوطن.
جزء لا يجزء من الكارثة هو الأنيميا المعلوماتية التي اصابت الأجهزة الأمنية.
في نهايه الأمر المصداقية في العلاقات مسقط رأسها الصراحه وعلي هذا الصعيد النظام فشل في تدعيم علاقته بالمواطن.
لن يزيل الشك إلا تسجيل مصور يرفع ستار الغموض عن هذا الهجوم الآثم.
بدون أدني شك هناك شوك في الوردة المصرية والمعركة ضد هؤلاء ستكون دامية وطويلة الأمد ولكن من سابع المستحيلات الإنتصار بدون مصراحة تامة للمواطن المصري بطبيعة وحقيقية كل خطوة في هذا الطريق الصخري.
بوضوح: علي من يرأس الشأن المصري إحترام عقلية المصريين. إن لم يحدث فستكون الخسارة الكبري فقدان الثقة في النظام و الكل يعلم من التاريخ القريب ما يحدث عندئذ.
__________________________________________________________
المقال الأصلي باللغة الانجليزية نشر فى Daily News Egypt بتاريخ ١٥ نوفمبر ٢٠١٤
نشر للكاتب مقالات سابقا فى الأهرام اونلاين ، مدى مصر، مفتاح ومنظمة التحرير وديلي نيوز أجيبت.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

 

تعريب وتطوير: www.tempblogge.blogspot.com
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Facebook Themes custom blogger templates