Search Engine Submission - AddMe

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

حسام مؤنس يكتب : أهكذا نواجه الإرهاب

حسام-مؤنس1

تصاعد وتيرة الإرهاب مستمر، من سيناء التى يستشهد على أرضها بشكل متواصل جنود بالجيش والشرطة، مرورا باستمرار تفجيرات القنابل فى محافظات ومواقع مختلفة آخرها المترو، ووصولا للهجوم الأخير الذي لم يعلن حتى الآن من يقف ورائه على لنش بحري شمال سواحل دمياط.
وربما يتفق أو يختلف البعض حول مدى التهويل أو التهوين من الظاهرة، وإذا ما كان يراد إثارة المزيد من الفزع والتبرير لإجراءات وممارسات وتشريعات قمعية، أو إذا ما كان هناك فشل أو علي الأقل قصور في مواجهة الظاهرة سواء علي المستوي الأمني، أو باستراتيجيات وحلول أكثر شمولا وأكثر جذرية، بالربط بين ما هو أمني وما هو سياسي واجتماعي وثقافي وديني وغيره .. لكن المؤكد هنا دون خلاف أمرين بعيدا عن تلك التفاوتات في التقديرات والاجتهادات : الأول أن مصر تواجه مخاطر إرهاب وتطرف عنيف حقيقية (بعيدا عن التهويل أو التهوين) ، وأن القبض على طالب جامعى يحمل رواية وعلى هبة رؤوف عزت الأستاذة الجامعية وعلى آلان جريش لا علاقة له بمواجهة الإرهاب !!
ثلاث وقائع مفزعة على مدار أيام قليلة تؤكد أن هناك أخطاء كارثية جرت وتجرى نتيجة مناخ الفزع والتخويف الذى صار مسيطرا ، وكأنه لا سبيل لمواجهة الإرهاب إلا بقتل السياسة واسكات كل صوت مختلف وكل رأى آخر وتعميق الإجراءات الأمنية وتوسيع حالات الاشتباه لكل من يمارس نشاط عام لا قصره علي من يشتبه في ممارسته عنف ..
طالب جامعي قبض عليه، وقيل أن السبب هو حمله لرواية 1984 التي كتبها الإنجليزى جورج أورويل حول نظام ديكتاتوري مستبد قمعي، فذاعت شهرة الرواية بين آلاف الشباب الذين لم يسمعوا عنها من قبل، بإعتبارها صارت حرزا وسببا لإلقاء القبض ، الطالب تم إخلاء سبيله والداخلية أوضحت لاحقا أن السبب كان تصويره لجنود الشرطة والجيش مما أثار الشكوك بخصوصه.
هبة رؤوف عزت، الأستاذة الجامعية المحترمة، فوجئت بالقبض علي عدد من الشباب والطلاب أثناء تنظيمهم ليوم للتطوع في العمل الاجتماعي والنشاط العام ، فهرعت الي القسم الذى احتجزهم ليتم احتجازها معهم لعدة ساعات ، قبل تدارك الخطأ عقب التعرف عليها وإلغاء المحضر الذى تم تحريره.
آلان جريش، المفكر المرموق ورئيس تحرير جريدة لوموند دبلوماتيك، أثناء حواره علي أحد المقاهى مع رفاق له في الأوضاع السياسية والشأن العام ، يتم إلقاء القبض عليه واحتجازه بسبب بلاغ من سيدة تصادف وجودها علي نفس المقهى واستمعت لبعض ما قاله ومن معه !
صحيح أن الحالات الثلاثة المذكورة تمت معالجتها، ربما لأن أطرافها شخصيات عامة معروفة أو أثيرت حولها ضجة إعلامية ، لكن كم حالة أخرى لم نعرف عنها شيئا أو لم يعرف أصحابها ؟؟ وهل المشكلة فقط فى الإجراء أم في طبيعة المناخ الذى خلقته الحالة التى جرى تصديرها لهذا المجتمع بكل من فيه على مدار الشهور الماضية ، فصار مجتمعا رافضا للاستماع للرأى الآخر طاردا لكل عمل عام سياسى أو غيره ، متقبلا للإجراءات الأمنية وان كانت قمعية ومتصورا أن هذا ما قد يحميه ويبني دولته !!
ليس هكذا نواجه الإرهاب ، الذى لا نهون ابدا من خطره ، لكن لا نقبل أن يتحول إلى سبب استمراء التخويف والفزع من كل وأي اختلاف وتنوع وتعدد وتعبير عن رأى سلميا .. واجهوا الإرهاب حقا، من يمارس العنف ومن يستخدم القوة ومن يهدد أمن شعبه، ولا تستغلوا ذلك فى المصادرة والقمع والتخويف، لأن نهاية هذا المسار لا يمكن أن تكون في صالح أى أحد ولا فى صالح هذا الوطن بكل تأكيد .. مواجهة الإرهاب حقا تكون بأن نبني الوطن بشكل صحيح لا أن نتركه يفرض نفسه باعتباره النقطة الوحيدة على جدول أعمال هذا الوطن والشعب ، وأن نواجه جذوره لا فقط ظواهره .. فضلا عن أن يجري استخدامها في تمرير إجراءات وممارسات قمعية ليقبلها الرأى العام ويعتادها الوعي المجتمعي، فمجتمع خائف مرتعش لا يقبل إلا الصوت الواحد لن يقوى حقا على دحر الإرهاب ولا مواجهة التطرف، لكنه بعد وقت طال أم كثر سيتشكك كثيرا في استخدام مثل تلك الفزاعات.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

 

تعريب وتطوير: www.tempblogge.blogspot.com
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Facebook Themes custom blogger templates